Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
أدب عالمي ومقارن
23 juillet 2021

الأدب المقارن والاتجاهات النقدية الحديثة: دراسات

images 4

 

الأدب المقارن والاتجاهات النقدية الحديثة:

دراسات التأثير والمنهج التاريخي.

      يرى علماء الأدب المقارن الذين يحصرون ميدان هذا العلم في دراسة العلاقة بين أدب قومي معيّن وأدب قومي أو مجموعة من الآداب القومية أنّ الهدف الذي يسعون إلى تحقيقه هو استقصاء ظواهر التأثير والتأثر بين الآداب القومية المقارنة: كأن يحدد المرء ماذا أعطى الأدب الفرنسي للأدب الألماني من مؤثرات وماذا أخذ منه. أمّا المكسب العلمي أو المعرفي الذي يحققه الأدب المقارن نتيجة لدراسة علاقات التأثير والتأثر بين الآداب فهو ذو طبيعة تاريخية. فعندما يدرس المقارنون ما تمّ بين الأدبين الفرنسي والألماني من تأثير وتأثّر، فإنهم يقدّمون بذلك مساهمة في كتابة تاريخ هذين الأدبين. إنّ الغرض من دراسة علاقات التأثير والتأثّر هو إكمال كتابة تاريخ الآداب القومية. ومن خلال تلك المساهمة يضيف الأدب المقارن إلى تاريخ الآداب جانباً كان مؤرّخو الآداب القومية قد أغفلوه. فقد كانوا يؤرّخون لكلّ أدب قومي بمعزل عن الآداب القومية الأخرى، ولكأنه تاريخ التطور الداخلي لذلك الأدب فقط. لم يعر مؤرخو الآداب القومية اهتماماً لعلاقة كلّ أدب بالآداب القومية الأخرى، إلى أن جاء الأدب المقارن في صورته المبكّرة، أي دراسات التأثير والتأثر، فسدّ تلك الثغرة في تأريخ الأدب، وبيّن أن تاريخ أيّ أدب قومي ليس مجرّد تاريخ ما يجري ضمن ذلك الأدب من تطورات، بل هو أيضاً تاريخ ما يتمّ بينه وبين الآداب القومية الأخرى من تبادل وتفاعل. وعند هذا الحدّ تنتهي مهمة الأدب المقارن، كما تصورها روّاده وتابعوهم من ممثلي "المدرسة الفرنسية القديمة" في الأدب المقارن: إنه العلم الذي يؤرخ للعلاقات الخارجية بين الآداب.
ولكن ماذا عن الجوانب الجمالية والفنية والذوقية للأدب؟ ماذا عن البنى الداخلية للأعمال الأدبية؟ إنّ الأدب المقارن الذي اتخذ صورة دراسات التأثير والتأثر يكتفي بتأريخ العلاقات الخارجية للأدب، ولا يتطرق إلى الجوانب والأبعاد الجمالية الذوقية: فهو لا يحللها ولا يقيّمها، وجلّ ما يفعله بشأنها هو أن يبيّن العلاقات الخارجية والوسائط والمؤثرات المرتبطة بها.

     أمّا الأمور الجمالية والفنية فإنّ الأدب المقارن التقليدي(دراسات التأثير) يترك التعامل معها للنقد الأدبي، الذي يعدّه المعنيّ الأوّل والأخير بالأبعاد الداخلية للأدب، فذلك هو مجال اختصاصه. إنّ علاقة الأدب المقارن بالنقد الأدبي تبدو من هذا المنظور علاقة تقسيم عمل، فلكلّ من المنهجين مضماره المحدد الذي يعرف تخومه بدقة: فعلماء الأدب المقارن ليسوا نقاداً، والنقاد ليسوا مقارنين. وما يفصل الأدب المقارن عن النقد الأدبي لا يقتصر على حدود مضمار كلّ منهما، بل يشمل المنهجية والطريقة أيضاً. فللنقد الأدبي طرائقه في مقاربة مواضيعه، وللأدب المقارن، في صورته التقليدية، طرائقه التي تختلف جذرياً عن طرائق النقد الأدبي. فمنهجية الأدب المقارن منهجية تاريخية تجريبية، تتمثل في جمع الوثائق والأدّلة والوسائط وكلّ ما يبرهن بصورة ملموسة ويقينية على وجود علاقات تأثير وتأثر بين أدبين قوميين أو أكثر.

    هكذا فهم الأدب المقارن مضماره ودوره ومنهجه على امتداد فترة طويلة من تاريخه، ساد فيها ما بات يعرف "بالمدرسة الفرنسية التقليدية"، التي دامت من أوائل القرن التاسع عشر إلى أواسط القرن العشرين، عندما ظهرت في ساحة الأدب المقارن اتجاهات ومدارس جديدة، فهمت مضمار الأدب المقارن ووظيفته وأهدافه بصورة أخرى.

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité
Archives
Pages
Publicité